وضع داكن
18-01-2025
Logo
الدرس : 09 - سورة النساء - تفسير الآيات 19-21 المعاشرة بالمعروف
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

إذا آمنت باختيارك فمن موجبات إيمانك بالله أن تنصاع لتوجيهاته المتعددة:


 أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس التاسع من دروس سورة النساء، ومع الآية التاسعة عشرة، وهي قوله تعالى: 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهًاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـًٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرًا كَثِيرًا(19)﴾

[ سورة النساء ]

 أيها الإخوة الكرام، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: 

﴿  لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)﴾

[ سورة البقرة ]

 فالذي آمن بالله عز وجل آمن باختياره، فإذا آمنت باختيارك فمن موجبات إيمانك بالله عز وجل أن تنصاع لتوجيهاته المتعددة، الله عز وجل يخاطب عامة الناس بأصول الدين. 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)﴾

[  سورة البقرة ]

 أما إذا خاطب المؤمنين فكأن بين المؤمن وبين ربه عقداً إيمانياً، أنت يا عبدي آمنت بي، وبعلمي، وبحكمتي، وبرحمتي، لأنك آمنت بي طواعية من دون إكراه، فهذا يقتضي أن تتبع هذه التعليمات التفصيلية.

الاستجابة لأمر الله جزء من إيمانك:


 كل من يدَّعي أنه مؤمن ولا يستجيب لأمر الله عز وجل فهو كاذب في ادعائه. 

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)﴾

[  سورة الأنفال  ]

 الاستجابة لأمر الله جزء من إيمانك، لذلك الأحكام التفصيلية والتوجيهات الجزئية في القرآن الكريم تتصدرها العبارة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ فالله عز وجل بعد أن بيّن لنا الشيء الذي يحل أن نُورِّثه، هناك مُورِّث ووارث وموروث، بعد أن بيّن لنا من قبل في هذه السورة بالذات الأموال التي يمكن أن تُورَّث، وكيف أن الله سبحانه وتعالى تولى بنفسه توزيع هذا الإرث، لئلّا تدخل الاعتبارات الاجتماعية هذا حق الله عز وجل، وفي دروس سابقة كان الحديث عن طريقة تقسيم الإرث، ولكن اليوم يبين الله لنا أن في حياة المسلم أشياء لا يمكن أن تُورَّث! لأنه في الجاهلية كانت الزوجة تُورَّث وكأنها متاع! فالورثة يتزوجونها بلا مهر، لأنها جزء من الميراث كغرفة النوم، أو يزوجونها لمن يريدون ويأخذون المهر، أو يُعضِلونها كي تفتدي نفسها بكل شيء، فالمرأة في الجاهلية كانت تورّث كما يورَّث المتاع، فالله جل جلاله بعد أن بيّن لنا أن هناك أشياء تُورَّث، وأن الحكم فيها واضح، وقد مرَّ ذكره قبل درسين، ولكنه في هذه الآية يبين جل جلاله أن هناك أشياء يحرم توريثها كالزوجة، إنها إنسانة وشريكة الحياة، فإذا أمضت عدتها فلها الحق أن تتزوج، وأن يختارها من يشاء، ويدفع مهرها لها.

المرأة والرجل يتكاملان ولا يتشابهان:


 يقول الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهًاۖ﴾ المرأة مقهورة، وهي جزء من متاع البيت، فإذا مات زوجها تزوجها من يشاء من الورثة، أو زوجوها وقبضوا ثمنها، أو أعضلوها ومنعوا زواجها كي تفتدي بنفسها، هذا حكم مُحرَّم في الإسلام، لأن المرأة كما تعلمون مساوية للرجل تماماً في التكليف، والتشريف، والمسؤولية، ولكن إذا قال الله عز وجل: 

﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)﴾

[  سورة آل عمران ]

 فلأن خصائص المرأة العقلية والجسمية والنفسية والاجتماعية تتناسب مع المهمة التي أُنيطَت بها، كما أن خصائص الرجل العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية منوطَة ومتناسبة مع المهمة التي أُنيطت به، فالمرأة والرجل يتكاملان ولا يتشابهان، وحينما اختلطت الأوراق في العصور الحديثة، وفي مجتمع التفلت والكفر كان هناك من الأخطار، ومن أسباب انهيار المجتمعات ما لا سبيل إلى وصفه. 
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرۡهًاۖ﴾ المرأة إنسانة مكرّمة، مُكلَّفة، مشرَّفة، إنها شريكة حياة الرجل، فإذا مات زوجها فلها الحق بعد أن تمضي عدتها أن تتزوج من تشاء، ولكل من سمع بها أن يخطبها إذا شاء، وتأخذ مهرها بيدها.
 أيها الإخوة، في بعض الحضارات الشرقية إذا مات الزوج ينبغي أن تحرق معه، وهذا ظلم شديد، جاهلية العرب فيها ظلم شديد، وثقافة الشعوب في بعض البلاد الشرقية تقضي أن تُحرَق المرأة مع زوجها الميت، وكلا الحالتين فيهما ظلم شديد، بينما وحي السماء يعطي كل ذي حق حقه.

الأحكام المتعلقة بالآية التالية:


 هناك حكم شرعي آخر، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ﴾ الحكم الأول: المرأة لا يمكن أن تورّث، إنها إنسانة في أعلى درجات الكرامة والإنسانية، أمرها بيدها، بينما لا يمكن أن يتم عقد زواج دون أن تُسأل الفتاة، ويأخذ القاضي موافقتها، وإلا لا ينعقد العقد، وأنتم ترون حينما تحضرون عقود قران لا بد لكاتب المحكمة أن يذهب ليستمع إقرار الفتاة بأذنه، على أنها قبلت هذا الزواج من هذا الشاب على هذا المهر.
 الآن عندنا حكم آخر: هو أن الزوج أحياناً يرفض أن يطلق زوجته، لا يطلقها إضراراً بها كي تفتدي نفسها بكل ما أعطته، وهذا مُحرّم أشد التحريم، العضل: المنع، ولو تتبعنا أصل هذه الكلمة (عضل)، حينما يبدأ المخاض يتقلص الرحم تقلصات لطيفة نظامية إلى أن يدفع الغلام إلى الخارج، وبعد هذه التقلصات المتزامنة اللطيفة ينقبض الرحم انقباضاً شديداً، وكأنه صخر، التقلص الأول اللطيف من أجل أن يدفع الجنين إلى خارج الرحم، فلو كان تقلصاً شديداً لمات الجنين، والتقلص العنيف بعد الولادة من أجل أن يسد عشرات آلاف الأوعية المتقطعة من الولادة، فلو أن الآية انعكست كان التقلص شديداً في بداية المخاض، ثم كان رخواً بعد المخاض لماتت الأم ووليدها، قال تعالى: 

﴿  ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ(20)﴾

[  سورة عبس ]

 لكن أحياناً، وكلمة أحياناً أقصد بها حقيقة توحيدية، الرحم ينقبض، ولا يسمح للجنين أن يخرج، نقول: عضلَ الرحم، فلا بد من عملية قيصرية، لا بد من إخراج الجنين من خاصرة أمه، لو أن الله جل جلاله جعل الأسباب مترافقة مع النتائج إلى أبد الآبدين لمَا عرفنا الله، ولكانت الأسباب والنتائج شيئاً تافهاً عندنا لأنها رتيبة، لكن مع أن هذا الجسم مبني على نظام دقيقٍ دقيق لكن ما كل سبب في الجسم يفضي إلى نتيجة، وما كل نتيجة لها سبب، فكأن الله جعل الأسباب نظاماً للكون كي تنتظم حياتنا، بل جعل في الأعم الأغلب أن هذه الأسباب مترافقة مع النتائج، لكن أحياناً هذا الرحم لا يدفع الجنين إلى خارجه، صار هناك عضل، العضل هو أن عضلة الرحم كفّت عن التقلص، ولا بد حينئذ من عملية قيصرية، هؤلاء الذين عبدوا الأسباب والنتائج تُخيَّب آمالهم أحياناً، وقد نستفيد من هذا في معركتنا مع العدو، الكفار أخذوا بكل الأسباب، لكن أحياناً يُفاجَؤون بمعطيات لم تكن في حسبانهم أبداً، أين أسبابهم؟ فلذلك يأخذ المؤمن بالأسباب، وكأنها كل شيء، ويتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء.

معنى كلمة (عضل):


 الفرق الكبير بين الغرب المشرك والشرق العاصي أن الغرب المشرك أخذ بالأسباب أيما أخذ، واعتمد عليها، وألّهها، فأتاه الله من حيث لا يحتسب، والشرق لم يأخذ بها كسلاً وجهلاً وتهاوناً فوقع في المعصية، الرحم مع أن له نظاماً دقيقاً جداً هو أنه في بدء المخاض يتقلص، لكن أحياناً لا يتقلص، من أجل أن تكون متعلقاً لا بالأسباب، بل بمسبب الأسباب، من أجل أن تكون متعلقاً لا بالأشياء المادية، بل بخالقها، وكأن هذه الاستثناءات التي لا تأخذ الأسباب مجراها، وتُعطَّل فيها الأسباب أو تُلغى من أجل أن يلفتك الله إلى ذاته، يا عبدي لا تعبد الأسباب، واعبد خالق الأسباب، فالعضْل هو المنع والكفّ، فعضلة الرحم تعضُل الجنين، أي تكف عن دفعه إلى الخارج فلا بد من عملية قيصرية. 
﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ﴾ أي أن زوجاً فرضاً لم تكن زوجته كما يتمنى فعضَلَها، لا يعاملها كزوجة ولا تأخذ حقها منه كزوجة، ولا يطلقها فيفسح لها المجال كي تتزوج، هذه معصية من أكبر المعاصي والآثام. 
﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ هناك أزواج ظُلَّام، من أجل أن تفتدي نفسها بكل مهرها يسيء معاملتها، إلى أن تطلب منه المخالعة، فإذا طلبت المخالعة ينبغي أن يسترد كل شيء أعطاه لها، فهذه الطريقة في معاملة الزوجة معاملة سيئة من أجل استرداد كل ما أعطيته لها، هذا شرعاً منهيٌّ عنه أشد النهي. 
﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ أحياناً تكون المرأة غنية، وليست في مستوى طموح زوجها فيعضِلها، من أجل أن يرث مالها، وهذا محرم، قد يطمع أن تفتدي نفسها بكل ما أعطاها، أو قد يطمع بمالها كي يرث مالها، فالمرأة التي لا تروق للزوج ينبغي أن يصبر، وإلا ينبغي أن يطلقها كي يفسح لها المجال ليتزوجها من هو معجب بها.

الفاحشة هي الزنى والنشوز وعدم طاعة الزوج وسوء المعاملة:


 قال تعالى: ﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍۚ﴾ قال العلماء: الفاحشة المبينة هي الزنى، هذا قول من أقوالهم، المرأة إذا زنت قد تخسر كل مهرها، ويحق للزوج أن يكرهها على الطلاق بعد أن تفتدي نفسها منه بكل ما أعطاها! لأنها خانت الأمانة، بعضهم قال: الفاحشة النشوز، أن تستعصي على أمر زوجها، فلا تطيعه، وكما تعلمون أن دين المرأة من أربع فقرات: 

(( إذا صلَّت المرأةُ خمسَها وصامت شهرَها وحفِظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ. ))

[ أخرجه أحمد ]

 ربع دين المرأة طاعتها لزوجها، فالزوجة التي نشزت، أي التي خرجت عن طاعة زوجها، هذه أيضاً لا تستحق مهرها، والزوجة التي هي سيئة المعاملة، لسانها سليط عليه، لا تقيم له وزناً، فتتطاول عليه، ولا تعتني به، تهمل واجباته، هذا أيضاً من الفاحشة، في بعض التفاسير هناك أقوال ثلاثة في الفاحشة؛ نشوز الزوجة، أو وقوعها في الفاحشة، أو معاملتها السيئة. 
الذي تحته امرأة سيئة لا يرجو صلاحاً لها، ويبقيها تحته لا يستجاب دعاؤه، من أروع ما في تفصيل هذا الحديث، وهو صحيح: لو أنك في ضائقة، وقال لك خبير: اخرج من هنا، فرفضت أن تخرج، ثم قال لك: ماذا أفعل؟ أنت لك الحق أن تمتنع عن إعطائه توجيهاً معيناً، أنا ذكرت لك أن تخرج من هنا، فإن لم تستجب لتوجيهي فلن أستجيب دعاءك، فهذا الذي تحته امرأة سيئة، لا تطيع الله، ولا تطيعه، ولا تقوم برعاية زوجها وأولادها، وهي سليطة اللسان، متكبرة، لا يرضيها شيء، ولا ترضى عن شيء، وتسأل زوجها الطلاق من غير بأس، فإذا خرجت اشتكت على زوجها، فهذه امرأة ليست مؤهلة أن تكون زوجة لمؤمن، ينبغي أن يطلقها، لأنها أم أولاده، وسوف تربي بناته تربية خاطئة، سوف تربي أبناءه تربية خاطئة، فالفاحشة عند بعض المفسرين، والقرطبي في هذه المناسبة من كبار المفسرين الذين وجهوا الآيات توجيهاً فقهياً، فالفاحشة هي الزنى، والفاحشة هي النشوز، وعدم طاعة الزوج، والفاحشة هي سوء المعاملة.

معنى آخر لكلمة (عضل) ليس في هذه السورة:


 قال: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ أن تُبقِيَ امرأة لا تعاملها كزوجة، ولا تطلقها كي تفتدي نفسها منك، أن تُبقي امرأة غنية لا تطلقها، ولا تعاملها كزوجة هذا هو العضْل. 
 هناك معنى فرعياً ليس في هذه السورة، حينما قال الله عز وجل: 

﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ ۗ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ ٱلْكِتَٰبَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِىٓ ءَاتَىٰكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(33)﴾

[ سورة النور ]

 يتوهم إنسان أن هذه البنت يجب أن تبقى لخدمته، فيقيم العقبات أمام زواجها، لأنانية ولضيق أُفْق، هذا أيضاً محرم، لذلك الله عز وجل يوجه الخطاب للمؤمنين: ﴿وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ﴾ لا يعقل ولا بالمليار واحد أن مؤمناً يُكرِه ابنته على فعل الفاحشة، إلا أنك إذا عضلتها، وكلما جاء الخاطب وضعت العراقيل، وأوقعت العقبات، وسألت عن بيته، ولم يعجبك مدخل بيته مثلاً، ولا دخله، ووازنته بدخلك، وأنت في الستين، فمثل هذا الأب يرتكب خطأ كبيراً جداً حينما يعضل ابنته، وكأنه بهذا العضل يدفعها إلى المعصية ﴿وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾
أيها الإخوة: ﴿إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍۚ﴾ قال العلماء: يجوز أن تسترد الذي أعطيتها إذا أتت بفاحشة، أو إذا نشزت، أو إذا عصت، ومن هنا شُرِّع الخُلْع أحياناً. 

الأصل في العلاقة الزوجية المودة والمودة سلوك أساسه الحب:


 ثم يقول الله عز وجل: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ﴾ الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى حينما قال: 

﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَٰنِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّلْعَٰلِمِينَ(22)﴾

[ سورة الروم  ]

﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(37)﴾

[  سورة فصلت ]

﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ(21)﴾

[  سورة الروم ]

 الأصل في العلاقة الزوجية المودّة، والمودة سلوك أساسه الحب، فحينما تكون الزوجة وفق طموح زوجها، وحينما يكون الزوج وفق طموح زوجته ينشأ بينهما الحب، ويُعبَّر عنه بالود، فمن كلمة طيبة إلى ابتسامة إلى خدمة إلى صبر، إلى مؤاثرة، إلى تضحية، إلى ما لانهاية له من علاقة الود بين الزوجين، ولكن لو أن المصلحة انقطعت بين الزوجين، أصيبت الزوجة بمرض عضال، أو أن الزوج افتقر فانقطعت المصلحة بينهما، ماذا يبقى؟ الرحمة.

المعاشرة بالمعروف أوسع بكثير من الود:


 قال تعالى: ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ فهذا البيت بُني ليبقى، فإما أن يبقى على الحب والود، وإما أن يبقى على الرحمة، فلذلك جاءت الآية في قوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ والمعاشرة بالمعروف أوسع بكثير من الود، ما كل بيت يُبنى على الحب، لكن الزوج إذا تزوج وله أولاد من زوجته كان مستقبل الأولاد فوق كل شيء، بل إن العلاقة بينه وبين زوجته ليست ملكاً لهما بل هي ملك أولادهما، فالزوج العاقل والزوجة العاقلة تلغيان موضوع الحب إذا كان هناك أولاد، وكانت مصلحة الأولاد الراجحة في بقاء هذه العلاقة الزوجية، جاءت الآية: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وقد قال العلماء: ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها، لو أن الزوج أو الزوجة فَهِمَا المعاشرة بالمعروف أن تحتمل أذى الزوج أو أن يحتمل أذى الزوجة ما فُرِّق بين اثنين في العالم الإسلامي، هذا هو توجيه الله عز وجل. 

الجمال أحد خصائص المرأة وليس كل خصائصها:


 ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ هناك حقيقة لا بد من شرحها: حينما يجهل الإنسان طبيعة المرأة يقع في خطأ كبير، هناك امرأة وهبها الله حكمة، وامرأة وهبها الله عقلاً، وامرأة وهبها الله وفاء، وامرأة وهبها الله جمالاً، الجمال أحد خصائص المرأة وليس كل خصائصها، فحينما الإنسان يتضجَّر من عيب في زوجته ينبغي ألاّ ينسى النواحي الأخرى التي امتازت بها، فما كل شيء في المرأة شكلها، هذه حقيقة، فالمؤمن ينبغي أن يصبر، والزوجة ينبغي أن تصبر، لأن الزواج قد ينجح نجاحاً كبيراً من دون هذا الشرط الذي يبحث الناس عنه كل يوم، ولهذا الشرط أمد قصير، وتأثيره يضعف مع الأيام، ثم يكتشف المرء أن الأصل في العلاقة الزوجية الود، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما حدثنا عن صفات المرأة المسلمة ذكر أنها ودود ولود، تنجب له أطفالاً يملؤون البيت فرحة، وودود في معاملتها له، لذلك أزواج كثيرون حينما يشتكون من فظاظة زوجاتهم ينسون مع هذه الفظاظة جمال زوجاتهم بالتأكيد، فكأن الله عز وجل لحكمة بالغةٍ بالغة وزع خصائص المرأة بين النساء متفرقة، هذه تنال في هذه الصفة مئة درجة، وفي هذه الصفة عشر درجات، وفي هذه الصفة خمسين درجة، وفي هذه الصفة سبعين درجة، والمجموع ثابت، فأنت حينما تحكم على امرأة ينبغي أن تحكم على دينها، وعلى أخلاقها، وحكمتها، ووفائها، وأمانتها، وشكلها، أما أن يكون الشكل وحده كل شيء في المرأة فهذا ليس في واقع الكون، فالله عز وجل جعل المجموع ثابتاً. 
﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ أجمل ما في التفسير: إن كرهتموهن من زاوية الشكل فقط، الدين جيد، الأمانة، الصدق، الخُلق، الحكمة، إدارة المنزل الجيدة، تربية الأولاد الحازمة. 
﴿فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـًٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرًا كَثِيرًا﴾ قد تنجب لك أولاداً نجباء، قد تمنحك راحة من طرف تربية الأولاد، قد ترى بيتك منتظماً، قد ترى بيتك من البيوت المثالية بفضل حكمتها.

هناك خيرات حسان لا يعملها إلا الله قد تتأتى من زواج إسلامي صحيح:


 قال: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ ومعظم المفسرين على هذا الجانب الذي يلهث الرجال وراءه ﴿فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـًٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرًا كَثِيرًا﴾ تروي الكتب أن إنساناً تزوج امرأة، فلما رآها يوم الدّخول لم تعجبه، قضى ليلته وخرج هائماً على وجهه عشرين عاماً، وعاد إلى المدينة، فإذا في مسجدها درسٌ فيه طلاب علم كُثُر، جمعٌ غفير متحلِّق حول شاب، فلما سأل عنه إذا هو ابنه الذي أنجبته امرأته منه يوم دخل بها، فلما عاد إلى زوجته وعلم أن هذا ابنه، حينما ضجر منها يوم الدخول قالت له كلمة: لعل الخير كامن في الشر، إن رأيتني شراً فلعل الخير كله فيّ، وحينما علم أن هذا الابن كان عالماً كبيراً من علماء المسلمين، لذلك حينما عاد قال لابنه: يا بني قل لأمك: في الباب رجل يقول لك: قد يكون الخير كامناً في الشر.

 

هناك خيرات حِسان لا يعملها إلا الله، قد تتأتى من زواج إسلامي صحيح. 


﴿فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـًٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرًا كَثِيرًا﴾ وهذا الإنصاف أن تنظر إلى أمانتها، وعفتها، ودينها، وحسن إدارتها، وحسن تصرفها، ووفائها، وتربية أولادها، وأهلها المنضبطين، وأبيها، وأمها، هناك آلاف المقاييس التي ترفع المرأة إلى أعلى عليين، لكن بعض الرجال لا ينظر إلا إلى زاوية واحدة من المرأة فيكرهها أحياناً.

المهر تستحقه المرأة مرة واحدة إذا مكنته من نفسها فقط:


 لكن إذا تفاقمت هذه الكراهية إلى درجة أنها حملت الزوج على أن يقترب من المعصية، ماذا نفعل؟ ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡـًٔا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرًا كَثِيرًا﴾ لكن إن لم يستطع الزوج أن يبقى مع زوجته، وكاد يقترب من المعصية عندئذ لا بد من الطلاق، قال: 

﴿ وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٍ مَّكَانَ زَوۡجٍ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنًا وَإِثۡمًا مُّبِينًا(20)﴾

[ سورة النساء ]

 أكبر وهم أن يتوهم الزوج أن هذا المهر مُوزَّع على العمر، فإذا طلّقها في مقتبل العمر يحق له أن يأخذ الذي أعطاها، وهذا جهل فاضح، لكن هذه الآية بيّنت أن المهر تستحقه المرأة مرة واحدة إذا مكّنته من نفسها، وينتهي المهر: ﴿وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٍ مَّكَانَ زَوۡجٍ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارًا﴾ القنطار، جلد البقرة إذا سُلِخت يتسع إلى ماذا؟ لو أنك ملأت جلد البقرة مالاً أو ليرات ذهبية ﴿وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٍ مَّكَانَ زَوۡجٍ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ﴾ المهر استحقته الزوجة حينما مكّنتك من نفسها مرة واحدة، معنى ذلك أنّ هذا العقد الغليظ، الميثاق الغليظ في القرآن ورد مرتين، فقد أخذ الله عز وجل من الأنبياء ميثاقاً غليظاً، وأن عقد الزواج بين الزوجين هو عند الله ميثاق غليظ. 

لمجرد أنك تريد تطليق امرأتك ينبغي أن تؤدي لها كل المهر معجله ومؤجله:


 عقد السيارة قد ينتهي بالبيع ولا شيء عليه، والبيت قد تسكنه بالعقد وربما لا تسكنه، أما إذا اقترنت بامرأة، ثم جاء الأولاد، فهذا الابن هذا أبوه، وهذه أمه، من يعاني هذه المشكلة؟ الذي سافر إلى بلاد الغرب، وفي لحظة طائشة تزوج امرأة هناك، ابنه منها، هي في وادٍ وهو في واد آخر، لأن أقدس عهد في الأرض بعد عهد الأنبياء هو عهد الزواج، وكيف تأخذون هذا المهر وقد أفضى بعضكم إلى بعض؟ لا يتاح لا للأب ولا للابن ولا للأخ ولا للأخت ولا لابن الابن ولا ابن الزوجة أن يرى من هذه المرأة ما أُبيح للزوج أن يراه منها.
 امرأة مقدسة، جوهرة مكنونة أُبِيحت لإنسان، هذا شيء كبير جداً، لذلك هؤلاء الذين يستخفون بعقود الزواج لا تنسوا أن في العالم الغربي الآن تسعين بالمئة من حالات الزواج مساكنة فقط، لا يوجد عقد، ولا ورق، ولا توقيع، ولا إيصال، ولا أي شيء، في أي لحظة يركلها بقدمه خارج البيت، لأنها مساكنة! أما عندنا في الإسلام فأقدس عهد وعقد هو عقد الزواج، وهذا العقد سيترتب عنه أولاد، جيل، طفل مؤمن أو كافر.
 بعض الإخوة عندما يحدثونني عن زوجاتهم اللواتي تزوجوهن في بلاد الغرب، وكيف أن الابن تبع أمه، وترك دينه، وأصبح من هؤلاء الشاردين، كيف أن الأب كلما تذكر هذا ذاب قلبه ألماً، أقدس عهدٍ عقدُ الزواج. 

﴿ وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا(21)﴾

[ سورة النساء ]

﴿وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٍ مَّكَانَ زَوۡجٍ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ﴾ لمجرد أنك تريد تطليق امرأتك ينبغي أن تؤدي لها كل المهر معجّله ومؤجله.

العالم الإسلامي يتمتع بحصانة للزواج ما بعدها حصانة:


 قال: ﴿فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ﴾ أما هي إن كرهت هذا الزوج، وطلبت المخالعة يحق له أن يسترد منها كل شيء، أو إذا نشزت، أو إذا زنت، أو إذا ساءت معاملتها، لذلك في دعاوى التفريق إذا وجد إساءة معاملة قد يحكم القاضي للزوج بنصف المهر، أو بربعه، أو بعُشره، أو بثلثيه، الأصل أن الزنى، والنشوز، والإساءة، تُذهِب حق المرأة في مهرها. 
﴿وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٍ مَّكَانَ زَوۡجٍ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنًا وَإِثۡمًا مُّبِينًا﴾ أتأخذونه، وقد استحقته المرأة يوم مكنتك من نفسها، ويوم أفضيت إليها، الإفضاء من الفضاء، يوم دخلت عليها من أوسع الأبواب، لا شيء فيها محرم عنك، كل شيء مباح لك إلا ما حرم النبي عليه الصلاة والسلام. 
﴿وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا﴾ الميثاق الغليظ هو عقد الزواج، لذلك ينبغي على الإنسان أن يحسن اختيار زوجته، لئلا يحتاج إلى تطليقها، وفي طلاقها كسر لها، وتشريد للأولاد، وإضاعة لهم. 
﴿وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا﴾ ولم يرد الميثاق الغليظ إلا مع ميثاق الأنبياء، العالم الإسلامي يتمتع بحصانةٍ للزواج ما بعدها حصانة، لذلك حينما تُطلَّق المرأة ينبغي أن تدخل في العدة، لو أنها في سن اليأس فقضية براءة الرحم ليست واردة، ينبغي أن تُمسك العدة ثلاثة قروء حِفاظاً على قدسية هذا العقد، أما إذا مات عنها زوجها فالعدة أربعة أشهر وعشرة أيام، شيء مُقدَّس لا يكون إلا بتمهيد ولا ينتهي إلا بتوابع، وفي درس آخر إن شاء الله نتابع هذه الآيات.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور